كتب / سعيد الجريري
بعد ست سنوات من تدخل تحالف دعم شرعية عبدربه منصور وعلي محسن تمدد الحوثي في جغرافية آل حميد الدين السياسية بلا منافس، وله في ذلك أساليبه القمعية المعروفة. لكن ما اتضح جلياً أن من يدعم شرعية هادي ومحسن أنما يدعم فلول النظام السابق الذي ثار عليه شعبه، ثم التفت دول الخليج على الثورة، لتمكن الفلول عبر المبادرة الخليجية التي أحالت الثورة إلى أزمة، فكان لابد أن ينهض بالثورة ناهض، ولم يكن هناك طرف ذو بأس سوى الحوثي الذي أتى على الفلول التي خلفت زعيمها فقوض حكمها الهش ثم كان ما كان.
بعد ست سنوات، هاهي شرعية الفلول بلا أرض، بلا شعب، بلا رئيس تظله سماء بلاده، بلا حكومة بمقدورها الدفاع عن مقر استضافتها المؤقتة المشروطة في مدينة عدن، بلا شرعية ولو شكلية من مجلس نواب الفلول المشرذم المنتهي الصلاحية.
بعد ست سنوات، بالتوازي مع تمدد الحوثي في جغرافية آل حميد الدين، لم يعد الجنوب وطناً وشعباً – الذي غيبته المبادرة الخليجية – رقما هامشياُ، بل صار الرقم الصعب الذي لولاه لكان الحوثي والفلول قد اتفقوا على صيغة ما لتقاسم النفوذ، كما فعلوا بتوقيع اتفاق السلم والشراكة، وجولات الاسترضاء التي خاضوها في جنيف والكويت وستوكهولم.
بعد ست سنوات، لم يعد بيد شرعية الفلول ومن تبقى من أدواتها الجنوبية سوى أن تحلم باستعادة الزمن، بعد أن ركزت معركتها جنوباً بأساليب شتى لتفكيكه، حتى يكون ورقتها التفاوضية على طاولة تجمعها بالشقيق الحوثي (الوحدوي مثلها!!) الذي بيده ورقة الشمال. لكن شرعية الفلول المثخنة بالفساد القديم الجديد لن تطول في الأخير لا رمُان الشمال ولا ثمد الجنوب، لأن من لم تحسن إدارة ست سنوات من الدعم الإقليمي والدولي الاستثنائي، واستمرأت المال والرفاهية والكيد السياسي لن تصمد أمام رياح الجياع المقهورين القابضين على جمر الوطن الحر جنوباُ، مثلما لم تصمد أمام صرخة الحوثي شمالاً، فابتدع رئيسها رئيس الفلول سيناريوهات الهروب المتعدد، وفر نائبه القائد المدرع بعباءة حرم السفير (المهرب السياسي)الذي لن تنفعها تغريداته ولا بيانات تنديده بأي موقف يتخذه شعب لا يرى على الأرض أحداً كائناً من كان أكبر من وطنه وحقه في الوجود والعيش بحرية وكرامة.