اراء وكتاب

(( لَو كَانَ السّيسي رَئيسنا ؟ ))

كتب : علي ثابت القضيبي

أُشاهدُ الفَضائيّات المصريّة يومياً ، وفي فقراتِ الفواصل للحديثِ عن مُنجزات مصر ، يستغرقني الذهول لديناميكية الرّئيس المصري ، وكذلك مَدى وَلَهه في حُبّ بلاده وشعبه ، حتى مُفرداته وهو يَتحدّث عَمّا أُنجِزَ وما يجبُ عمله ، فهي تَقطُرُ تصميماً على العطاءِِ ، هذه ليست بروباجندا تَنتهجها الميديا المصريّة لتسويقِ رئيسها ، كلا ، لكنّ إنجازاته على الأرضِ عملاقة حقاً ، وفترة تَسنمه السلطة وجيزة جداً ، وهو أمسكَ بصولجان السلطة ومصر تكاد تكونُ مُنهارة تماماً ،خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة ، وخَرجَ بها الى ضفاف الٱمان ، فهو رئيسٌ ورجلٌ من طِرازٍ مُتفرد ولاشك .

  • لَو تَخيّلنا مثلاً : أنّ فخامة الرّئيس السّيسي بشخصهِ رئيساً لبلادنا ، أو مَن هو بِعقليّتهِ وثقافته ووطنيّته ونظافة يَده هو رئيسنا ، أثقُ أولاً أنّهُ لن يَقبل أن يَتَحكّم به الإخوان وبِقراراته ، أو أن يَفرضوا عليهِ تَعييناتٍ مُعيّنة ، وأثقُ أنهُ لن يَقبل أن يكون نائبه كما هو عندنا ، أي بثقافةٍ وعقليّة مُوغلة في القبليّة والفَيد ، وبَعيداً عن المؤسسيّةِ ، أو يَغتصب حِصصاً من ثروات البلاد قَسراً أو … أو … ، كما لن يَقبل أن يكون ضمن حاشيته أو في مَكتبهِ مَن يَحتكرُ النّفط ، ويصلُ إحتكاره حَدّ منع منافسيهِ من إدخال سُفن المازوت الخاصة بهم لتشغيلِ محطّات الكهرباء للشعب ! وتنطفئ الكهرباء ، وليذهب الشعب الى الجحيم ، وهكذا لبقية القائمة .
  • أشعرُ نفس مايشعرُ به مواطنوا البلدان المطحونة ، تحديداً المنكوبة بسلطاتٍ لا هَمّ لها إلا كروشها ، لأنّ بشاعة هذه السلطات وقذارتها جَمّة ، والأغرب أنّها تَتشدّقُ بالوطنيّة والشّعارات الفضفاضة ، وهي تَدُوسُ الدستور والقوانين التي لو تَطَبّق ١٪ منها عليهم ، لذهبوا جميعاً وراء القضبان ، مع كل ذلك ماانفكوا على كاهلنا ، ومُعاناتنا وألَمُنا كجنوبيين مُرَكّباً وأكثرُ إيلاماً ، لأنّ دولتنا الجنوبية السابقة لم تكن بهذهِ الكيفيّة مُطلقاً ، فالوزير وأكبر كبير ، لو حَدث وإرتكبَ هفوة مهما صَغُر شأنها ، نعرفُ جميعاً ما كان يحدثُ لهُ ، ولذلك نحنُ نستميتُ اليوم لإستعادة دولتنا الجنوبية ومهما كان الثّمن .
  • أحياناً يُخالجني شعورٌ مضحك ، وهو لو تنازلنا كشعب ، وقَبلنا أن تكون سلطاتنا ملكيّة ، معَ أنّ العقد الإجتماعي الذي بيننا وبينهم يقولُ بأنّنا دولةٌ جمهورية ، أي هناك حقوق وواجبات على الرئيس وسواه ، لكنّهم يدوسوا عليها ، ويتصرّفوا وكأنّ البلاد مُجرّد إقطاعية خاصة بهم ، أو ورثُوها عن ذويهم ! مع أنّ أشقّائنا في الجوار دُولاً ملكيّة وأميريّة ، ولنأخذ من الإمارات أنموذجاً ، هناك يولون كل الرعاية بشعبهم وحقوقه ، ودرجة المَحبّة والإحترام بين الحاكم والشّعب والعكس ، فهي تفوقُ التّصور ، وانظروا الى أين وصلوا ، لذلك لانَدري في أي قالب أو خانة نضعُ سلطاتنا هنا !
  • عندما قلتُ : ( لو كان السيسي رئيسنا ) ، هذا ليس من قبيل المُفاضلة ، إذ هي مَعروفة أوجه المقارنة هنا ولاشكّ ، وأتركُ هذا للقارئ الكريم ، لكنّ ذلك كحُلمٍ لمواطنٍ يَتُوقُ الى أن يكون رأس سُلطته ديناميكياً حَياً ، ومشحونٌ بحب شعبه كله وبلاده ، ويعمل لأجلهما بِفدائية ، كحال الرئيس السيسي حفظه الله ورعاه ، لأنّ حالنا هنا بلغَ الحضيض ، ولدينا موارد ، وهي لايمكن أن تُفضي بنا الى هذه الحالة الرّثة ، لكن الأسباب معروفةٌ ، وأوّلها تُغول حيتان النّهب المُحيطين برأس السلطة وكل أجهزتها ، وسيطرتهم على قرارات رأس السلطة ، والكارثي أن الرّئيس ماانفكّ يُقصر تعييناته على المزيد منهم وحسب ، أليس كذلك ؟!

إلى الأعلى