نداء حضرموت – متابعات
شهدت مصر ظاهرة غريبة من نوعها تكررت في الآونة الأخيرة، وهي جنوح الحيتان، خاصة بعد العثور على حوت زعنفي نافق في البحر المتوسط على الشواطئ المصرية بالقرب من مدينة رشيد أمس الخميس.
وقد ظهر الحوت مساء الأربعاء إلا أن الموج العالي وشدة الرياح وقوتها عوامل منعت رؤيته ليلا قبل العثور عليه صباح الخميس.
ويؤكد مدير إدارة الأمان الحيوي بوزارة البيئة، لؤي السيد، لسكاي نيوز عربية أن الحوت الذي تم اكتشافه قرب مدخل فرع رشيد على ساحل البحر المتوسط يبلغ طوله 12.6 متر وهو حوت أنثى من نوع الحوت الزعنفي يزن ما بين 8 إلى 10 أطنان، ولا يبدو أنه نفق نتيجة حادث مع أحد السفن حيث لا توجد آثار حادثة.
وهي الحالة الثالثة التي تحدث في نفس الشهر لنفس النوع فقد سبقتها حالة لجنوح حوت زعنفي في إيطاليا وكذلك حالة أخرى لحوت زعنفي ذكر في شمال سيناء ما يجعل من الضروري رصد هذه الظاهرة ودراستها.
أسباب الظاهرة
أما عن أسباب الظاهرة يوضح لؤي السيد أن تغير حالة الطقس منذ ثلاثة أيام في المنطقة الممتدة من البحر الأسود وحتى البحر المتوسط، مع ارتفاع الموج لسبعة أمتار، ووصول سرعة الريح إلى 30 عقدة، قد تكون اسهمت في حركة الحوت نحو الشاطئ، مستدركا بالقول إن الرياح والموج ليست سبب الجنوح لكنها عامل مساعد لحوت جنح متأثرا بأحد العوامل الرئيسية الأخرى.
ويضيف: “لا توجد خطورة على الناس رغم اكتشاف الحوت في منطقة قريبة من القرى والحيتان بشكل عام لا تهاجم الإنسان، فهي مسالمة جدا وتعامل معاملة الدولفين ولا توجد حيتان عدوانية على مستوى العالم”، هكذا يطمئن الدكتور لؤي الناس بشأن هذه الظاهرة.
الظاهرة تحتاج لدراسة أعمق
ويبين لؤي السيد أن “ظاهرة جنوح الحيتان تحتاج تسليط الضوء عليها لأن الحيتان الزعنفية تم اكتشافها مؤخرا عدة مرات، وهي تعيش في الأعماق وليس من المعتاد رؤيتها قرب الشاطئ بهذا الشكل، وقد يكون الطقس عاملا مساعدا لكنه ليس العامل الرئيسي، خاصة وأن هذه الظاهرة أصبحت تتكرر في شرق البحر المتوسط مثل مصر أو ليبيا، حيث ان الجنوح أكثر من مرة قرب الشاطئ في هذه المنطقة بهذا الشكل يحتاج إلى مزيد من الدراسة”.
ويؤكد أنه في منطقة جنوب شرق المتوسط لم يعتد جنوح الحيتان فيها مثلما هو الحال في شمال وشمال غرب المتوسط مما قد يشير لوجود عوامل جديدة، مثل نقص التغذية أو غيرها، لا سيما وأن شرق المتوسط فقير إلى حد ما في الثروة السمكية مقارنة بشماله وغربه.
ويضيف أنه “تم تسجيل 11 نوعا من الحيتان في البحر المتوسط، منها 9 أنواع في مصر، وقد لفتت هذه الظاهرة الأنظار منذ ظهور نفس النوع “الحوت الزعنفي” في مارينا عام 2016، ثم تكررت مع جنوح حوت العنبر في ناحية مطروح.
يشار إلى أنه تم تسجيل جنوح حوت زعنفي آخر قرب العريش في شمال سيناء، ثم ظهر هذا الحوت الزعنفي قرب مدينة رشيد، ومنذ 10 أيام ظهر حوت زعنفي آخر في إيطاليا.
وظهور الحيتان قرب الشواطئ وفي أزمنة متقاربة ومسافات متقاربة يطرح التساؤل حول أسباب الظاهرة، فالمسافة بين المنطقتين اللتين ظهر فيهما الحوت بمصر حوالي 170 ميلا بحريا وهي مسافة ليست كبيرة والوقت الذي يفصل بين ظهور الحوتين الاثنين ليس كبيرا، كما تبعد مسافة وجود الحوتين عن الحوت الذي ظهر في إيطاليا 900 ميل.
وتقتضي المسألة دراسة هذه الظاهرة وتفسيرها، فهل الغذاء أم التلوث أم التغير المناخي يقف وراء ذلك خاصة بالنسبة للحيتان الضعيفة؟
ويكمل لؤي بالقول إن الحالة الطبيعية لحوادث الجنوح كانت تتم على فترات متباعدة في هذه المنطقة، أي شواطئ جنوب شرقي البحر المتوسط، مثل تسجيل حالة جنوح عام 1995 والحالة التي تلتها تم تسجيلها عام 2016 أي بعد أكثر من 20 عاما.
وأشار إلى أنه بالنسبة للحوت النافق المكتشف الخميس فقد تم رفع قياساته وجمع العينات منه وجاري فحص الحوت واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنه، وإصدار بيان من قبل الوزارة بشأنه قريبا، وقد ظهرت على الحوت بعض الخدوش، لكن ليست به آثار حوادث اصطدام بالسفن، لافتا إلى أن هذه الخدوش تكون طبيعية ناجمة عن احتكاك الحوت بالماء، أو تطفل بعض الكائنات عليه.
ويضيف أن الحيتان تسبح معًا ضمن مجموعات تتكون من 3 إلى 7 حيتان، بينها من هم في سن صغيرة، وقد يحدث أن يضل أحد الصغار الطريق مبتعدًا عن الآخرين، أو هائمًا وراء الطعام، ما قد يؤدي إلى وصوله إلى الشاطئ عن طريق الخطأ، وهو ما قد يتسبب في نفوقه.
انتحار الحيتان
وجنوح الحيتان أو انتحارها ظاهرة تحدث عندما يلقي الحوت بنفسه على الشاطئ فتموت الحيتان المنتحرة بسبب الجفاف، حيث تنهار أجسادها بسبب وزنها، أو تغرق عندما تغطي مياه المد فتحات التنفس.
ويشهد كل عام إلقاء أكثر من 2000 حيوان بنفسه على الشاطئ، ورغم أن غالبيتها تلقى حتفها، فإن ذلك لا يشكل أي خطر على الحيتان، لأن حوالي 10 أنواع فقط من الحيتان الشائعة تقوم بالانتحار الجماعي، وهناك 10 أنواع أخرى نادراً ما تنتحر جماعياً.
علاج الظاهرة
والبحر المتوسط يضم أنواعًا عديدة من الحيتان، وتحديدا 11 نوعا، منها ما هو مقيم بشكل دائم في مياهه، وآخر يسبح فيه كنقطة عبور لأعالي البحار، وهناك عدة طرق يمكن بواسطتها الإسهام في الحفاظ على هذه الأنواع، أبرزها: مقاطعة المأكولات البحرية التي يجري اصطيادها بالشباك الخيشومية التي تعلق الأسماك بها عن طريق الخياشيم، وكذلك تشديد عقوبة الصيد الجائر.
يذكر أن الحوت المشار إليه هو أحد الحيتان المسجلة المقيمة في المياه المصرية، ومياه البحر المتوسط والمصنف عالمياً مهدد بخطر الانقراض طبقاً لقاعدة بيانات الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وهو مسالم ويتغذى على الهائمات البحرية غير المرئية عن طريق حجز العوالق عن طريق الفم.