كتب / سعيد الجريري
سألني شاب على هامش الموقف السلبي من تيدكس سيئون، وتدخل السلطة المحلية ومستشاريها بوضع شروط وضوابط (قمعية) حد أن حظرت المشاركة عن غير سكنة الوادي:
- لماذا يحدث مثل هذا؟
فقلت له: لأسباب عديدة، ولكن أبرزها، في تصوري، أن هناك خللاً أو قصوراً في أنماط التعليم الذي أخرج جحافل بعيدة بعداً قاتلاً عن (التفكير النقدي). - وما التفكير النقدي؟
- ها أنت لم تسمع عنه، ولم تتعلمه منذ الطفولة لا في البيت ولا المدرسة ولا الجامعة، ومن وضعوا تلك الضوابط والشروط كذلك، بل لعلهم ضده، ويعدونه جزءاً من نشر أفكار الماسونية إياها. هل تعلم أن معرفة التلميذ ثلاث لغات، في منظور التعلم الحديث، يعد غير كافٍ، من أجل أن تتسع دائرة تفكيره النقدي من خلال حمله على القيام بشيء يكون كل طفل خبيراً فيه بالفعل، أي طرح الأسئلة. فالأطفال يشعرون بالفضول بشكل طبيعي ويبدؤون بالتساؤل “لماذا؟” من سن مبكرة جدًاً. وعلى الرغم من أن الفضول يأتي بشكل طبيعي، فإن التفكير ليس وظيفة طبيعية مثل النوم والمشي والحديث، ولكنه مهارة تحتاج إلى تطوير .
يتعلم الأطفال، ذكوراً وإناثاً، التفكير عندما ينخرط الكبار في محادثات هادفة، ويلهمون خيالهم، ويطرحون عليهم أسئلة تدفعهم إلى التفكير . غير أن التعلم يجب أن يتجاوز “ماذا” إلى فحص “كيف” و “لماذا”. وبدلاً من مجرد تعلم الحقائق، ينبغي تشجيع الأطفال على التفكير والتأمل في الموضوع، لأن هذا النوع من التعلم القائم على الاستقصاء يعزز الإبداع المتزايد ومهارات حل المشكلات بشكل أفضل، مما يجعل الأطفال أكثر نشاطاً. - وما علاقة هذا بذاك؟
- كالعلاقة بسرير بروكوست.
- ومن هذا؟
- بروكوست شخصية في الميثولوجيا اليونانية، كان حداداً وقاطع طريق من أتيكا، وكان يهاجم الناس ويقوم بمط أجسادهم أو قطع أرجلهم لتتانسب أطوال أجسادهم مع سريره الحديدي. ويشير مصطلح مغالطة سرير بروكوست إلى فرض الرأي بالقوة على المستمعين عن طريق قولبة الأفكار، كما يطلق عليها لفظ البروكوستية وتعبر عن أي نزعة إلى “فرض قوالب” جبرية على الاشياء (الاشخاص أو الافكار..) أو ليّ الحقائق أو تشويه المعطيات، وأن نفرض حقيقة ثم نبحث عما يدعمها، ونفسر المعطيات بما يطابق افتراضاتنا، لكي تتناسب قسراً مع مخطط ذهني مسبق.
- والحل؟
- تعليم التفكير النقدي في سن مبكرة، ونبذ التلقين والخوف من الأسئلة، وطمأنينة الأجوبة الهشة، وإعادة تأهيل من يثبت أن لديه قصوراً في التفكير النقدي (وكدت أقول: ومن لديه قصور وأراضٍ وامتيازات).
- ومتى سيحصل هذا؟
- عندما يتعلم بروكوست التفكير النقدي.
من صفحة الكاتب على الفيس بوك