كتب / سعيد الجريري
كشف موقف البعض من فعالية TEDxSeiyunWomen عن ذكورية هشة – بإستثناء ذوي النوايا الحسنة – تخاف من أن يكون للمرأة الحضرمية وجودها الطبيعي في مجتمعها، رغم ما تبديه من مرونة في الموازنة بين نيل حقوقها وطبيعة المجتمع المحافظ.
لقد نجح البعض في التعبير الكاريكاتيري عن وعيه الغريزي الذي لا يرى المرأة إلا من خلاله، فهي ك(الباباية) التي يخشى عليها، متجاهلاً عقلها وتفوقها واقتدارها، وحقها الطبيعي في الوجود الندّي، اليوم أو غداً، وقدراتها وتميزها في مجالات عديدة، على أساس أن هناك ثوابت ترقى إلى مستوى التابو الاجتماعي الذي لا يجيز للمرأة أن تكون كما هي وتحقق ذاتها، مستدعياً صورة “المدلولة” أو “الحرمة الله يعزك” أو مقولة الفرزدق الشهيرة التي قيلت في سياق الفحولة الشعرية “إذا صاحت الدجاجة صياح الديك فاذبحوها”
وعلى وقع ذلك الترهيب في السوشيال ميديا، باستخدام لغة فجة، فظة، دخيلة على معجم القيم والأخلاق التي يدعي مروّجوها الغيرة عليها، وعلى حضرموت، شكلت السلطة المحلية لجنة للنظر في ضوابط (!!) الفعالية التي كشفت مستور الثقافة الداعشية المهيمنة على الوعي الشائه – مع الاختلاف في الدرجة فقط – الذي يراد له أن يقمط أجيال القرن الحادي والعشرين من الذكور والإناث على حد سواء.
التعليم أيها السادة، ليس (البنية سرحت الكلية، البنية ضوَت)، ولكنه وعي يتشكل، وذات تتكون خارج سكونيات الآخرين الذين يمر العالم من حولهم، و يكتفون بالتفرج عليه كمباراة بين برشلونة وريال مدريد، مثلاً، عبر شاشة تمنحهم الأمان أن الملعب ليس في بلدهم.
يكفي تيدكس أن أشعل هذا النقاش مهما يكن بعضه جارحاً متشنجاً وخارجاً عن آداب الاختلاف، أنه منح دجاجة الفرزدق – ربما من حيث لم تقصد – فرصة أن تربك الديك المتخيل حاله (زرَق فرَق)، بينما هو يداري بذلك هشاشته وضعفه وعجزه عن أن يكون الديك الذي يقول لديكة النهب والاستباحة أن لا مكان لهم على أرض استباحوا كل شيء فيها، ومازالوا بها يعبثون.
تيدكس ليست فعالية كشفت هشاشة البعض فحسب، ولكنها قدمت نماذج لآباء وعوائل تتقاسم الثقة مع بناتها، بوعي أن المرأة المتميزة الواعية التي تدرك أن (الحرية مسؤولية) هي التي تشكل الرجل أو تعيد تشكيله، من أجل مجتمع يحلق بجناحين قويين.
* لقد دلت تفاعلات تيدكس على أن النهر يجري من تحت أقدام البعض، ولأنه لا يجيد السباحة، فإنه يرجمه بالأحجار ، ظناً منه أن سيتوقف النهر عن الجريان.